عنوان الكتاب: نور الإيضاح مع مراقي الفلاح

وتطويل الصلاة وجماعة العراة والنساء فإن فعلن يقف الإمام وسطهن كالعراة, ويقف الواحد عن يمين الإمام والأكثر خلفه ويصف الرجال

محمّد عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وأبي يوسف أنّ الصلاة خلف أهل الأهواء لا تجوز, والصحيح أنّها تصحّ مع الكراهة خلف من لا تكفره بدعته([1]) لقوله صلّى الله عليه وسلّم: ½صلّوا خلف كلّ برّ وفاجر وصلّوا على كلّ بَرٍّ وفاجر وجاهدوا مع كلّ برّ وفاجر¼, رواه الدار قطني كما في "البرهان", وقال في مجمع الروايات: وإذا صلّى خلف فاسق أو مبتدع يكون محرّزاً ثواب الجماعة لكن لا ينال ثواب من يصلّي خلف إمام تقي (و) كره للإمام (تطويل الصلاة) لما فيه من تنفير الجماعة لقوله عليه السلام: ½من أمَّ فليُخَفِّفْ¼, (وجماعة العراة) لما فيها من الإطلاع على عورات بعضهم (و) كره جماعة (النساء) بواحدة منهنّ ولا يحضرن الجماعات لما فيه من الفتنة والمخالفة (فإن فعلن) يجب أن (يقف الإمام وسطهنّ) مع تقدّم عقبها فلو تقدّمت كالرجال أثمت وصحّت الصلاة والإمام من يُؤتَمَّ به ذكراً كان أو أنثى والوسط بالتحريك ما بين طرفي الشيء كما هنا وبالسكون لما يبين بعضه عن بعض كجلست وسط الدار بالسكون (ك) الإمام العاري بـ (العراة) يكون وسطهم لكنّ جالساً ويمدّ كلّ منهم رجليه ليستتر مهما أمكن ويصلّون بإيماء وهو الأفضل (ويقف الواحد([2])) رجلاً كان أو صبياً مميّزاً (عن يمين الإمام) مساوياً له متأخراً بعقبه, ويكره أن يقف عن يساره وكذا خلفه في الصحيح لحديث ابن عبّاس أنّه قام عن يسار النّبي صلّى الله عليه وسلّم فأقامه عن يمينه (و) يقف (الأكثر) من واحد (خلفه)؛ لأنّه عليه الصلاة والسلام تقدّم عن أنس واليتيم حين صلّى بهما وهو دليل الأفضلية وما ورد من القيام بينهما فهو دليل الإباحة (ويصف الرجال) لقوله صلّى الله عليه وسلّم: ½ليلني منكم أولو الأحلام والنهى¼, فيأمرهم الإمام بذلك وقال صلّى الله عليه وسلّم: ½استووا تستو قلوبكم وتماسُّوا تراحموا¼, وقال صلّى الله عليه وسلّم: ½أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدّوا الخلل ولِيِْنُوْا بأيدي إخوانكم لا تذروا فرجات للشيطان من وصل صفّاً وصله الله ومن قطع صفاً قطعه الله¼, وبهذا يعلم جهل من يستمسك عند دخول أحد بجنبه في الصفّ يظنّ أنّه رياء بل هو إعانة على ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وإذا وجد


 



[1]       قوله: [لا تكفره بدعته] فلا تجوز الصلاة خلف من ينكر شفاعة النّبي صلّى الله تعالى عليه وسلّم أو الكرام الكاتبين، أو الرؤية؛ لأنّه كافر وإن قال لا يرى لجلاله وعظمته فهو مبتدع، والمشبّه كأن قال: لله يد أو رجل كالعباد كافر وإن قال: هو جسم لا كالأجسام، فهو مبتدع, وإن أنكر خلافة الصديق رضي الله تعالى عنه كفر كمن أنكر الأسراء لا المعراج، وأُلحقَ في الفتح عمر بالصديق رضي الله تعالى عنه في هذا الحكم، وأُلحق في "البرهان" عثمان بهما أيضاً، ولا تجوز الصلاة خلف منكر المسح على الخفين أو صحبة الصديق، أو من يسبّ الشيخين أو بقذف الصديقة، ولا خلف من أنكر بعض ما علم من الدين ضرورة لكفره، ولا يلتفت إلى تأويله واجتهاده، وتجوز خلف من يفضل علياً على غيره. ط. ١٢

[2]       قوله: [ويقف الواحد... إلخ] وقد مر بيانه تحت قوله: (وتقدم الإمام بعقبة من المأموم). ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

396