عنوان الكتاب: نور الإيضاح مع مراقي الفلاح

فإن استووا يقرع أو الخيار إلى القوم فإن اختلفوا فالعبرة بما اختاره الأكثر وإن قدموا غير الأولى فقد أساءوا. وكره إمامة العبد والأعمى والأعرابي وولد الزنا الجاهل والفاسق والمبتدع

فأكثرهم مالاً([1]) فأكبرهم جاهاً واختلف في المسافر مع المقيم, قيل هما سواء, وقيل المقيم أولى (فإن استووا يقرع) بينهم فمن خرجت قرعته قدم (أو الخيار إلى القوم فإن اختلفوا فالعبرة بما اختاره الأكثر وإن قدّموا غير الأولى فقد أساؤوا) ولكن لا يأثمون كذا في التجنيس وفيه لو أمّ قوماً وهم له كارهون فهو على ثلاثة أوجه إن كانت الكراهة لفساد فيه أو كانوا أحقّ بالإمامة منه يكره, وإن كان هو أحقّ بها منهم ولا فساد فيه ومع هذا يكرهونه لا يكره له التقدّم؛ لأنّ الجاهل والفاسق يكره العالم والصالح وقال صلّى الله عليه وسلّم: ½إن سرّكم أن تقبل صلاتكم فليؤمّكم علماؤكم فإنّهم وفدكم فيما بينكم وبين ربّكم¼, وفي رواية: ½فليؤمّكم خياركم¼, (وكره إمامة العبد) إن لم يكن عالماً تَقيًّا (والأعمى) لعدم اهتدائه إلى القبلة وصون ثيابه عن الدَّنَس, وإن لم يوجد أفضل منه فلا كراهة([2])، (والأعرابي) الجاهل أو الحضري الجاهل (وولد الزنا) الذي لا علم عنده ولا تقوى فلذا قيّده مع ما قبله بقوله (الجاهل) إذ لو كان عالماً تَقيًّا لا تكره إمامته؛ لأنّ الكراهة للنقائص حتّى إذا كان الأعرابي أفضل من الحضري والعبد من الحر وولد الزنا من ولد الرشد والأعمى من البصير فالحكم بالضدّ كذا في "الاختيار", (و) لذا كره إمامة (الفاسق) العالم لعدم اهتمامه بالدين فتجب إهانته شرعاً فلا يعظم بتقديمه للإمامة وإذا تعذّر منعه ينتقل عنه إلى غير مسجده للجمعة وغيرها وإن لم يقم الجمعة إلاّ هو يصلّى معه (والمبتدع) بارتكابه ما أحدث على خلاف الحقّ المتلقى عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من علم([3])، أو عمل أو حال بنوع شبهة أو استحسان, وروى


 



[1]       قوله: [فأكثرهم مالاً]؛ لأنّه لا ينظر إلى مال غيره وتقلّ أشغاله في الصلاة وذلك؛ لأنّ اعتبار هذا بعد ما تقدّم من الأوصاف كالورع فتأمّل. ط. ١٢

[2]       قوله: [فلا كراهة] لاستخلاف النّبي صلّى الله تعالى عليه وسلّم: ابن أمّ مكتوم، وعتبان بن مالك على المدينة، حين خرج إلى غزوة تبوك وكانا أعميين، أخرجه أبو داود في الصلاة باب إمامة الأعمى، قال ابن عابدين رحمه الله في الحاشية؛ لأنّه لم يبق من الرجال من هو أصلح منهما وهذا هو المناسب لإطلاقهم واقتصارهم على استثناء الأعمى. ١٢ و قال الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن: بل هو الأفضل إذا كان أعلم من غيره إذ الكراهة زالت بسبب زيادة العلم فهو الأحق بالإمامة. ("الفتاوى الرضوية" المخرجة، ٦/٣٨١، ملخصاً ومترجماً) وقال في موضع آخر: تجوز الصلاة خلف الأعمى ولكنه خلاف الأولى أي مكروه تنزيهاً إن كان غيره أعلم أو مساوياً في العلم موجوداً و إلاّ فالأعمى هو الأولى. ١٢ ("الفتاوى الرضوية" المخرجة، ٦/٤١٦، ملخصا ومترجما)

[3]       قوله: [من علم] كمنكر الرؤية أو عمل كمن يؤذّن بحيّ على خير العمل أو حاله، كأن يسكت معتقداً أنّ مطلق السكوت قربة. ط. ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

396