عنوان الكتاب: نور الإيضاح مع مراقي الفلاح

بفضلك فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت وقنا شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ومن لم يحسن القنوت يقول اللهم اغفر لي ثلاث مرات أو ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أو يا رب يا رب يا رب وإذا اقتدى بمن يقنت في الفجر قام معه في قنوته ساكتاً في الأظهر

عليها أو بمعنى المزيد منها (بفضلك) لا بوجوب عليك وهذه الزيادة ليست في قنوت الحسن أللّهم اهدني (فيمن هديت) أي: مع من هديته (وعافنا) العافية السلامة من الأسقام والبلايا والمحن والمعافاة أن يعافيك الله من الناس ويعافيهم منك (فيمن عافيت) أي: مع من عافيته (وتولنا) من توليت الشيء إذا اعتنيت به ونظرت فيه بالمصلحة كما ينظر الولي في حال اليتيم؛ لأنّه سبحانه ينظر في أمور من تولاّه بالعناية (فيمن تولّيت) أي: مع من تولّيت أمره من عبادك المقربين (وبارك لنا فيما أعطيت) البركة الزيادة من الخير فطلب ترقيّاً على المقامين السابقين ثمّ رجع إلى مقام الخشية والجلال فقال (وقنا) من الوقاية وهي الحفظ بالعناية بدفع (شر ما قضيت) لالتجائنا إليك (إنّك تقضي) بما شئت (ولا يقضي عليك)؛ لأنّك المالك الواحد لا شريك لك في الملك فنطلب موالاتك (إنّه لا يذل من واليت) لعزّتك وسلطان قهرك (ولا يعزّ من عاديت) ﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوۡلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَأَنَّ ٱلۡكَٰفِرِينَ لَا مَوۡلَىٰ لَهُمۡ﴾[محمّد: ١١] و﴿ وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكۡرِمٍ ﴾[الحج: ١٨]، (تباركت) تقدّست وتنزهّت فهي صفة خاصة لا تستعمل إلاّ لله (ربّنا) أي: ياسيّدنا ومالكنا ومعبودنا ومصلحنا, وقال البيضاوي تبارك الله تعالى شأنه في قدرته وحكمته فهو معنى (وتعاليت) ووجه تقديم تباركت الاختصاص به سبحانه (وصلّى الله على) النّبي (سيّدنا محمّد وآله وصحبه وسلّم) لما روينا (ومن لم يحسن) دعاء (القنوت) المتقدّم قال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى (يقول أللّهم اغفر لي) ويكرّرها (ثلاث مرّات أو) يقول (ربّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) قال في "التجنيس" وهو اختيار مشايخنا (أو) يقول (يا ربّ يا ربّ يا ربّ) ثلاثاً ذكره الصدر الشهيد فهذه ثلاثة أقوال مختارة (وإذا اقتدى بمن يقنت في الفجر) كشافعي (قام معه في) حال (قنوته ساكتاً في الأظهر) لوجوب متابعته في القيام([1]) ولكن عندهما يقوم ساكتاً وقال أبو يوسف يقرؤه معه؛ لأنّه تبع للإمام والقنوت مجتهد فيه


 



[1]       قوله: [لوجوب متابعته في القيام] قال الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن: أقول: يشكل على إيجاب متابعة الإمام في هذا القيام الطويل أنه غير مشروع ولا متابعة في غير المشروع، فكان كالزائد على أقاويل الصحابة رضي الله تعالى عنهم في تكبيرات العيدين حيث لا يجوز له الاتباع وإن نظر إلى مشروعية أصل القيام، وإن لم يكن هذا القدر منه مشروعا كما يدل عليه تعليل مجمع الأنهر إن فعل الإمام كان مشتملا على مشروع، وهو القيام على غير مشروع، وهو قنوت في الفجر، فما كان مشروعا يتابعه فيه وما كان غير مشروع لا. آهـ. فينقض بالتكبيرات المذكورة، فإنها مشروعة بأصلها وإن لم يكن هذا القدر منه مشروعا ولذا قال في البحر في هذه المسئلة قد يقال: إن طول القيام بعد رفع الرأس من الركوع ليس بمشروع، فلا يتابعه فيه، ويظهر للعبد الضعيف الجواب بأن الماموم بسبيل من السكوت، وإمامه في قول أما أن يبتدره بانتقال فعلي، فلا يجوز له أصلا لما فيه من نقض الموضوع، فلا محيد من الصبر حتى ينحط إمامه للسجود، فمعنى وجوب المتابعة في القيام وجوب انتظار الإمام للسجود، لا إيجاب المتابعة في القيام من حيث هو قيام فافهم. لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا. ١٢ ("جد الممتار"، ٢/٢٩٣-٢٩٤)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

396