إذا لم يكن بين الحاضرين صاحب منزل ولا وظيفة ولا ذو سلطان فالأعلم أحق بالإمامة ثم الأقرأ ثم الأورع ثم الأسن ثم الأحسن خلقا ثم الأحسن وجها ثم الأشرف نسبا ثم الأحسن صوتا ثم الأنظف ثوبا
(فصل: في) بيان (الأحقّ بالإمامة و) في بيان ترتيب الصفوف (إذا) اجتمع قوم و (لم يكن بين الحاضرين صاحب منزل) اجتمعوا فيه (ولا) فيهم ذو (وظيفة) وهو إمام المحل (ولا ذو سلطان) كأمير ووال وقاض (فالأعلم) بأحكام الصلاة الحافظ ما به سنّة القراءة ويجتنب الفواحش الظاهرة وإن كان غير متبحِّرٍ في بقيّة العلوم (أحقّ بالإمامة([1])) وإذا اجتمعوا يقدّم السلطان([2]) فالأمير فالقاضي فصاحب المنزل ولو مستأجراً يقدّم على المالك ويُقدَّم القاضي على إمام المسجد لما ورد في الحديث: ½ولا يؤَمُّ الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلاّ بإذنه¼, (ثمّ الأقرأ) أي: الأعلم بأحكام القراءة لا مجرّد كثرة حفظ دونه (ثمّ الأورع) الورع اجتناب الشبهات أرقى من التقوى؛ لأنّها اجتناب المحرمات (ثمّ الأسنّ) لقوله صلّى الله عليه وسلّم وليؤمّكما أكبركما (ثمّ الأحسن خُلقاً) بضم الخاء واللام أي: ألفة بين الناس (ثمّ الأحسن وجهاً) أي: أصبحهم؛ لأنّ حسن الصورة يدلّ على حسن السيرة؛ لأنّه ممّا يزيد الناس رغبة في الجماعة (ثمّ الأشرف نسباً) لاحترامه وتعظيمه (ثمّ الأحسن صوتاً) للرغبة في سماعه للخضوع (ثمّ الأنظف ثوباً) لبعده عن الدنس ترغيباً فيه فالأحسن زوجة لشدّة عِفَّته فأكبرهم رأساً([3])، وأصغرهم عضواً
[1] قوله: [فلأعلم أحق بالإمامة... إلخ] قال الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن: إنما في الحديث تقديم الأقرء لكتاب الله، وأولوه بأنه إذ ذاك كان هو الأعلم، وهذا حق، ولكن لا يستلزم الأعلمية بأحكام الصلاة، والحق أن الأعلمية مطلقا مرجحة غير أن الأعلمية بأحكام الصلاة أرجح في باب الإمامة فيقدم على غيره وإن كان أعلم بأبواب أخر، فإن استويا في هذا العلم فالأعلم بأبواب أخر أقدم. ١٢ ("جد الممتار"، ٢/٢٦٥)
[2] قوله: [يقدم السلطان... إلخ] وقال الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن نقلا عن الطحطاوي: قال في البناية هذا في الزمن الماضي لأن الولاة كانوا علماء وغالبهم كانوا صلحاء وأما في زماننا فأكثر الولاة ظلمة جهلة. (وقال بنفسه) ورأيتني كتبت على هامشه ما نصه: أقول: نعم ولكن الفتنة أكبر من القتل بلى إن رضوا بتقديم غيرهم فلا كلام وإن كانوا علماء صلحاء كما إذا أذن صاحب البيت لغيره. والله تعالى أعلم. ١٢ ("الفتاوى الرضوية" المخرجة، ٦/٤٧٦)
[3] قوله: [فأكبرهم رأساً]؛ لأنّه يدلّ على كمال العقل.