عنوان الكتاب: نور الإيضاح مع مراقي الفلاح

باب الاعتكاف

هو الإقامة بنيته في مسجد تقام فيه الجماعة بالفعل للصلوات الخمس فلا يصحّ في مسجد لاتقام فيه الجماعة للصلاة على المختار وللمرأة الاعتكاف في مسجد بيتها وهو محل عينته للصلاة فيه. والاعتكاف على ثلاثة أقسام: واجب في المنذور وسنة مؤكدة في العشر الأخير من رمضان

باب الاعتكاف: هو لغة اللبث والدوام على شيء وهو متعد فمصدره العكف ولازم فمصدره العكوف فالمتعدي بمعنى الحبس والمنع ومنه قوله تعالى: ﴿ وَٱلۡهَدۡيَ مَعۡكُوفًا ﴾[الفتح: ٢٥] ومنه الاعتكاف في المسجد؛ لأنه حبس النفس ومنعها واللازم الإقبال على شيء بطريق المواظبة ومنه قوله تعالى: ﴿ يَعۡكُفُونَ عَلَىٰٓ أَصۡنَامٖ لَّهُمۡ﴾[الأعراف: ١٣٨] وشرعا: (هو الإقامة بنيته) أي: بنية الاعتكاف (في مسجد تقام فيه الجماعة بالفعل([1]) للصلوات الخمس) لقول علي وحذيفة رضي الله عنهما: ½لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة ولأنه انتظار الصلاة على أكمل الوجوه بالجماعة (فلا يصح في مسجد لا تقام فيه الجماعة لصلاة) في الأوقات الخمس (على المختار) عن أبي يوسف الاعتكاف الواجب لا يجوز في غير مسجد الجماعة والنفل يجوز وهذا في حق الرجال (وللمرأة الاعتكاف في مسجد بيتها وهو محل عينته) المرأة (للصلاة فيه) فإن لم تعين لها محلا لا يصح لها الاعتكاف فيه وهي ممنوعة من حضور المساجد والركن اللبث وشرط المسجد المخصوص([2])، والنية والصوم في المنذور والإسلام والعقل لا البلوغ والطهارة من حيض ونفاس في المنذور لاشتراط الصوم له ولا تشترط الطهارة من الجنابة لصحة الصوم معها ولو في المنذور وسببه النذر في المنذور والنشاط الداعي إلى طلب الثواب في النفل وحكمه سقوط الواجب ونيل الثواب إن كان واجباً وإلا فالثاني وسنذكر محاسنه . وأما صفته فقد بينها بقوله (والاعتكاف) المطلوب شرعا (على ثلاثة أقسام واجب في المنذور) تنجيزا([3])، أو تعليقا([4]) (وسنة) كفاية (مؤكدة في العشر الأخير([5]) من رمضان) لاعتكافه



[1]       قوله: [تقام فيه الجماعة بالفعل] قال الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن: ولو لم تقم الجماعة فيه أيضا، لأنه لا يخرج من مسجد حيّه لإقامة الجماعة لما صرّحوا من أنّ مسجد المحلة لو عطلت فالأفضل الصلاة فيه منفردا لما فيه من قضاء حق المسجد. ١٢ ("جد الممتار", ٣/٢٨٨)

[2]       قوله: [المسجد المخصوص] وهو ما تقام فيه الجماعات عند الإمام. ط. ١٢

[3]       قوله: [تنجيزاً] كقوله: لله عليّ أن اعتكف كذا. ١٢

[4]       قوله: [تعليقاً] كقوله: إن شفى الله مريضي فلانا لاعتكفن كذا. ١٢

[5]       قوله: [وسنة كفاية مؤكدة في العشر الأخير] قال الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن: إن هذه العبارة كمثل عبارة أكثر

مشايخنا متناً وشرحاً وفتاوى تحتمل أمرين، الأول: إن اعتكاف العشر جميعا سنة مؤكدة في العشر، فيصدق بتركها، والثاني: أن إيقاع الاعتكاف سنة مؤكدة في العشر، فيصدق بيوم وليلة على رواية الحسن وساعة على المختار، لكن الدليل الذي استدلوا به على تأكد الطلب في العشر الأخير وهو مواظبته صلى الله تعالى عليه وسلم على ذلك يقتضي الأول فإنه عليه السلام واظب على استيعاب العشر الأواخر، وهكذا كنت أظن حتى رأيت الإمام المحقق على الإطلاق قال في الفتح: الاعتكاف ينقسم إلى واجب وهو المنذور تنجيزا أو تعليقا وإلى سنة مؤكدة وهو اعتكاف العشر الأواخر من رمضان وإلى مستحب وهو ما سواهما. وهذا كالنص على ما ذكرت، نتبين أن الأول هو المراد. ١٢ ("جد الممتار"، ٣/٢٨٨، ملخصاً)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

396