عنوان الكتاب: نور الإيضاح مع مراقي الفلاح

وفي مكة وبيت المقدس ففي المسجد الحرام والمسجد الأقصى يجتمعون وينبغي ذلك أيضا لأهل مدينة النبي صلى الله عليه وسلم ويقوم الإمام مستقبل القبلة رافعاً يديه والناس قعود مستقبلين القبلة يؤمنون على دعائه يقول اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريئا مريعا غدقا مجللا سحا طبقا دائما وما أشبهه سرا أو جهرا

لأن نزول الرحمة بهم قال صلى الله عليه وسلم: ½هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم¼ رواه البخاري وفي خبر: ½لولا شباب خشع وبهائم رتع وشيوخ ركع وأطفال رضع لصب عليكم العذاب صبا¼ (و) يخرجون للصحراء إلا (في مكة وبيت المقدس) إنهم (في المسجد الحرام والمسجد الأقصى يجتمعون) اقتداء بالسلف والخلف ولشرف المحلّ وزيادة نزول الرحمة به ولا شك (وينبغي ذلك) أي: الاجتماع للاستسقاء بالمسجد النبوي (أيضا لأهل مدينة النبي صلى الله عليه وسلم) وهذا أمر جلي إذ لا يستغاث وتستنـزل الرحمة في مدينته المنورة بغير حضرته ومشاهدته في حادثة للمسلمين وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين وهو المشفع في المذنبين فيتوسل إليه بصاحبيه ويتوسل بالجميع إلى الله تعالى فلا مانع من الاجتماع عند حضرته وإيقاف الدواب بباب المسجد لشفاعته (ويقوم الإمام مستقبل القبلة) حالة دعائه (رافعا يديه) لما روي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي عند أحجار الزيت قريبا من الزوراء([1]) قائما يدعو رافعا يديه قبل وجهه لا يجاوز بهما رأسه اه ولم يزل يجافي في الرفع حتى بدا بياض إبطيه ثم حول إلى الناس ظهره (والناس قعود مستقبلين القبلة يؤمنون على دعائه) بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنه ما نص عليه بأن (يقول اللهم اسقنا غيثا) أي: مطرا (مغيثا) بضم أوله أي: منقذا من الشدة (هنيئا) بالمد والهمز أي: لا ينغصه شيء أو ينمي الحَيَوان من غير ضرر (مريئا) بفتح أوله وبالمد والهمز أي: محمود العاقبة والهنيء النافع ظاهراً والمريء النافع باطناً (مريعا) بضم الميم وبالتحتية أي: آتياً بالريع وهو الزيادة من المراعة وهو الخصب بكسر أوله ويجوز فتح الميم هنا أي: ذا ريع أي: نماء أو بالموحدة من أربع البعير أكل الربيع أو الفوقية من رتعت الماشية أكلت ما شاءت والمقصود واحد (غدقا) أي: كثير الماء والخير أو قطره كبار  (مجللا) بكسر اللام أي: ساترا للأفق لعمومه أو للأرض بالنبات كجل الفرس (سحا) بفتح السين المهملة وتشديد الحاء أي: شديد الوقع بالأرض من سح جرى (طبقا) بفتح أوله أي: يطبق الأرض حتى يعمها (دائما) إلى انتهاء الحاجة إليه (و) يدعو أيضا بكل (ما أشبهه) أي: أشبه الذي ذكرناه مما يناسب المقام (سرا أو جهرا) وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اسقنا غيثا مغيثا نافعا غـير ضار عاجلا غير


 



[1]       قوله: [الزوراء] هي دار عالية، كان يؤذن عليها بلال رضي الله تعالى عنه. ط. ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

396