صلاة الفرض فيها وهي جارية قاعدا بلا عذر صحيحة عند أبي حنيفة بالركوع والسجود وقالا لا تصح إلا من عذر وهو الأظهر والعذر كدوران الرأس وعدم القدرة على الخروج ولا تجوز فيها بالإيماء اتفاقا والمربوطة في لجة البحر وتحركها الريح شديدا كالسائرة وإلا فكالواقفة على الأصح وإن كانت مربوطة بالشط لا تجوز صلاته قاعدا بالإجماع
(فصل في الصلاة في السفينة: صلاة الفرض) والواجب (فيها وهي جارية) حال كونه (قاعداً بلا عذر) به وهو يقدر على الخروج منها (صحيحة عند) الإمام الأعظم (أبي حنيفة) رحمه الله تعالى لكن (بالركوع والسجود) لا بالإيماء؛ لأنّ الغالب في القيام دوران الرأس والغالب كالمتحقّق لكنّ القيام فيها والخروج أفضل إن أمكنه؛ لأنّه أبعد عن شبهة الخلاف وأسكن لقلبه (وقالا) أي: أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى (لا تصحّ([1])) جالساً (إلاّ من عذر وهو الأظهر) لحديث ابن عمر أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم سئل عن الصلاة في السفينة فقال: ½صلّ فيها قائماً إلاّ أن تخاف الغرق¼, وقال مثله لجعفر([2])، ولأنّ القيام ركن فلا يترك إلاّ بعذر محقّق لا موهوم ودليل الإمام أقوى فيتبع؛ لأنّ ابن سيرين قال صلّينا مع أنس في السفينة قعوداً ولو شئنا لخرجنا إلى الجد([3]). وقال مجاهد صلّينا مع جنادة رضي الله عنه في السفينة قعوداً ولو شئنا لقمنا, وقال الزاهدي وحديث ابن عمر وجعفر محمول على الندب فظهر قوّة دليله لموافقة تابعيين ابن سيرين ومجاهد وصحابيين أنس وجنادة فيتّبع قول الإمام رحمه الله تعالى (والعذر كدوران الرأس وعدم القدرة على الخروج ولا تجوز) أي: لا تصحّ الصلاة (فيها بالإيماء) لمن يقدر على الركوع والسجود (اتفاقاً) لفقد المبيح حقيقة وحكماً (والمربوطة في لجة البحر) بالمراسي والحبال (و) مع ذلك (تحركّها الريح) تحريكاً (شديداً) هي (كالسائرة) في الحكم الذي قد علمته والخلاف فيه (وإلاّ) أي: وإن لم تحركها شديداً (فكالواقفة) بالشط (على الأصحّ و) الواقفة ذكرها مع حكمها بقوله (إن كانت مربوطة بالشط لا تجوز صلاته) فيها (قاعدا) مع قدرته على القيام لانتفاء المقتضي للصحّة (بالإجماع) عـلى الصحيح وهـو احتراز
[1] قوله: [لا تصح] هذا هو مختار الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن حيث قال: أقول: السفينة إذا لم يكن قرارها على الأرض لم تجز الصلاة فيه لمن يقدر على النزول إلى الأرض، فليكن هذا على ذكر منك. ١٢ ("جد الممتار"، ٢/٢٩٨)
[2] قوله: [لجعفر] أي: ابن أبي طالب لمّا بعثه إلى الحبشة. ط. ١٢
[3] قوله: [إلى الجد] بكسر الجيم وتشديد الدال الشاطئ، وهذا دليل لجواز الصلاة فيها مع إمكان الخروج منها، وما يعده دليل لجواز الصلاة قاعداً مع إمكان الصلاة من قيام. ط. ١٢