يجوز النفل قاعدا مع القدرة على القيام لكن له نصف أجر القائم إلا من عذر ويقعد كالمتشهد في المختار وجاز إتمامه قاعدا بعد افتتاحه قائما
(فصل في صلاة النفل جالساً و) في (الصلاة على الدابة) وصلاة الماشي (يجوز النفل) إنّما عبّر به ليشمل السنن المؤكّدة وغيرها فتصحّ إذا صلاّها (قاعداً مع القدرة على القيام) وقد حكي فيه إجماع العلماء وعلى غير المعتمد يقال إلاّ سنّة الفجر لما قيل بوجوبها وقوة تأكّدها إلاّ التراويح على غير الصحيح؛ لأنّ الأصحّ جوازها قاعداً من غير عذر فلا يستثنى من جواز النفل جالساً بلا عذر شيء على الصحيح؛ لأنّه صلّى الله عليه وسلّم كان يصلّي بعد الوتر قاعداً وكان يجلس في عامة صلاته بالليل تخفيفاً وفي رواية عن عائشة رضي الله عنها فلمّا أراد أن يركع قام فقرأ آيات ثمّ ركع وسجد وعاد إلى القعود, وقال في معراج الدراية وهو المستحبّ في كلّ تطوّع يصلّيه قاعداً موافقة للسنّة ولو لم يقرأ حين استوى قائماً وركع وسجد أجزأه ولو لم يستو قائماً وركع لا يجزئه؛ لأنّه لا يكون ركوعاً قائماً ولا ركوعاً قاعداً كما في التجنيس و (لكن له) أي: للمتنفّل جالساً (نصف أجر القائم) لقوله صلّى الله عليه وسلّم: ½من صلّى قائماً فهو أفضل, ومن صلّى قاعداً فله نصف أجر القائم, ومن صلّى نائماً فله نصف أجر القاعد¼, (إلاّ) أنّهم قالوا هذا في حقّ القادر أمّا العاجز (من عذر) فصلاته بالإيماء أفضل من صلاة القائم الراكع الساجد؛ لأنّه جهد المقل والإجماع منعقد على أنّ صلاة القاعد بعذر مساوية لصلاة القائم في الأجر كذا في الدراية . قلت بل هو أرقى منه؛ لأنّه أيضاً جهد المقل ونية المرء خير من عمله (ويقعد) المتنفّل جالساً (كالمتشهّد) إذا لم يكن به عذر فيفترش رجله اليسرى ويجلس عليها وينصب يمناه (في المختار) وعليه الفتوى ولكن ذكر شيخ الإسلام الأفضل له أن يقعد في موضع القيام محتبياً؛ لأنّ عامة صلاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في آخر عمره كان محتبياً أي: في النفل, ولأنّ المحتبى أكثر توجها لأعضائه القبلة لتوجّه الساقين كالقيام, وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى يقعد كيف شاء؛ لأنّه لمّا جاز له ترك أصل القيام فترك صفة القعود أولى, وأمّا المريض فلا تتقيّد صفة جلوسه بشيء (وجاز إتمامه([1])) أي: إتمام القادر نفله (قاعداً) سواء كان في الأولى أو الثانية (بعد افتتاحه قائماً) عند أبي حنيفة رحمه الله؛ لأنّ القيام ليس ركناً في النفل فجاز تركه, وعندهما لا يجوز؛ لأنّ الشروع
[1] قوله: [وجاز إتمامه] قال الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن: أقول: يجب الإفتاء بقول الإمام أما أولاً فلأنه قول الإمام، وأما ثانياً فلأنه استحسان وأما ثالثاً فلأنه صح عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم. ١٢ ("جد الممتار"، ٢/٤١٦)