وكانَ فِيها رَجُلٌ قدْ أُصِيْبَ مُنْذُ سَنَوَاتٍ بقُرْحَةٍ في رَأْسِه، نَتَجَ عَنْها صُدَاعٌ نِصْفِيٌّ لا يُفَارِقُه لَيْلاً ولاَ نَهَارًا, ولا يَفْتَأُ يَأْخُذُ الأَدْوِيَةَ الْمُسَكِّنَةَ لِلأَلَمِ، ولكنَّه كانَ وَاثِقًا برَحْمَةِ الله تعالى ومُطْمَئِنًّا إلى أنَّه سيُهَيِّئُ له أَسْبَابَ الشِّفَاءِ وقالَ: رَأَيْتُ في الْمَنَامِ رَسُوْلَ الله صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم وهو يَجْلِسُ مَعَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِيْنَ ويقولُ لأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ رضي الله تعالى عنه: «عَالِجْ الْقُرْحَةَ في رَأْسِه وسَكِّنْ وَجَعَه»، فأَخْرَجَ سَيِّدُنا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ رضي الله تعالى عنه أَرْبَعَ قُرُوْحٍ مِنْ رَأسِي وأَكَّدَ أنَّه لا يَعُوْدُ الصُّدَاعُ النِّصْفِيُّ إلَيْكَ مَرّةً أُخْرَى، وبعد الاِسْتِيْقَاظِ مِن النَّوْمِ أَحْسَسْتُ أنَّ رَأسِي قدْ شُفِيَ تَمَامًا, وعادَ إلى حَالَتِه الصَّحِيْحَةِ بدُوْنِ عِلاَجٍ ببَرَكَةِ السَّفَرِ في سَبِيْلِ الله مَعَ قَافِلَةِ الْمَدِيْنَةِ، فلَمَّا تَأَكَّدَ الأَطِبَّاءُ الْمُعَالِجُوْنَ بما حَدَثَ أنَّ أَعْرَاضَ الْقُرْحَةِ تَوَارَتْ، ولَمْ يَعُدْ لها أَثَرٌ، لَمْ يَمْلِكُوا إلاّ أنْ يَعْزِمُوْا على السَّفَرِ في سَبِيْلِ الله، وقَرَّرَ بَعْضُهم إعْفَاءَ اللِّحْيَةِ.
صلّوا على الحبيب! صلّى الله تعالى على محمد
أخي الحبيب: في نِهَايَةِ مَوْضُوْعِنا نَذْكُرُ شَيْئًا مِنْ آدَابِ إطَالَةِ الشَّعْرِ وسُنَنِها لِيَحْرِصَ الْمُسْلِمُ على أَدَائِها اِقْتِدَاءً بسُنَّةِ النَّبِيِّ الْكَرِيْمِ صلّى الله عليه وآله وسلّم وَابْتِغَاءَ نَيْلِ الأَجْرِ الْعَظِيْمِ مِن