عنوان الكتاب: نور الإيضاح مع مراقي الفلاح

كالوضوء على الوضوء بنيـّته ويصير الماء مستعمَلاً بمجرّد انفصاله عن الجسَد، ولا يجوز بماء شجر وثمَر

وهي: (كالوضوء) في مجلس آخر([1]) (على الوضوء بنيته) أي: الوضوء تقرّباً ليصير عبادة فإن كان في مجلس واحد كُرِهَ, ويكون الثاني غير مستعمل ومن القربة: غسل اليد للطعام أو منه لقوله صلّى الله عليه وسلم: ½الوضوء قبل الطعام بركة وبعده ينفي اللَّمَمْ أي: الجنون وقبله ينفي الفقر¼ فلو غسلها لوسخ وهو متوضّئ ولم يقصد القربة لا يصير مستعملاً: كغسل ثوب ودابة مأكولة (ويصير الماء مستعملا([2]) بمجرّد انفصاله عن الجسد([3])) وإن لم يستقر بمحل على الصحيح وسقوط حكم الاستعمال قبل الانفصال لضرورة التطهير ولا ضرورة بعد انفصاله (ولا يجوز) أي: لا يصحّ الوضوء (بماء شجر وثمرٍ) لكمال امتزاجه فلم يكن مطلقًا([4]).


 



[1]       قوله: [في مجلس آخر... إلخ] قد حقّق الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن في هذه المسئلة, وحاصله: أنّ الوضوء على الوضوء بغرض صحيح مقبول عند الشرع ولو في مجلس واحد مستحبّ لإطلاق الأحاديث الواردة في فضل الوضوء على الوضوء, ولا دخل لتبدّل المجلس في استحبابه. ("الفتاوى الرضوية" المخرجة، ١/٧١١)، ملخّصاً ومترجماً.

[2])      قوله: [ويصير الماء مستعملا] سبب صيرورة الماء مستعملا، فقد بيّنه الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن في فتاواه, وحاصله: أنّ إقامة القربة مغيّر للماء عن وصف الطهوريّة, أعني حمله الآثام من البدن المستعمل فيه, وقد جاء في الحديث أنه: ½من توضّأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتّى تخرج من تحت أظفاره¼ رواه الشيخان. وقال الإمام العارف بالله سيّدي عبد الوهّاب الشعراني قدّس سرّه الربّاني في ميزان الشريعة الكبرى سمعت سيدي عليّاً الخواص رحمه الله تعالى: لو كشف للعبد لَرأى الماء الذي يتطهّر منه النّاس في غاية القذارة والنتن فكانت نفسه لا تطيب باستعماله كما لا تطيب باستعمال ماء قليل مات فيه كلب أو هرّة, قلت له: فإذن كان الإمام أبو حنيفة وأبو يوسف من أهل الكشف, حيث قالا بنجاسة الماء المستعمل، قال: نعم كان أبو حنيفة وصاحبه من أعظم أهل الكشف, فكان إذا رأى الماء الذي يتوضّأ منه النّاس يعرف أعيان تلك الخطايا التي خرّت في الماء, ويميّز غسالة الكبائر عن الصغائر والصغائر عن المكروهات والمكروهات عن خلاف الأولى ,كالأمور المجسّدة حسّاً على حدّ سواء قال وقد بلغنا أنه دخل مطهرة جامع الكوفة فرأى شابّاً يتوضّأ, فنظر في الماء المتقاطر منه فقال يا ولدي تب عن عقوق الوالدَين, فقال تبت إلى الله عن ذلك, ورأى غسالة شخص آخر, فقال له يا أخي تب من الزنا, فقال تبت, ورأى غسالة آخر فقال تب من شرب الخمر وسماع آلات اللهو, فقال تبت. ("الفتاوى الرضوية" المخرجة، ٢/٥٣-٦٢-٦٥، ملتقطاً ومجتمعاً)

[3]       قوله: [عن الجسد] قال الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن: تنبيه: اختلفوا في الحدث الأصغر هل يحلّ كالأكبر بظاهر البدن كلّه وإنّما جعل الشرع الوضوء رافعاً له تخفيفاً أم لا إلاّ بالأعضاء الأربعة, ويبتني عليه الخلاف فيما إذا غسل المحدث نحو فخذه فيصير الماء مستعملاً على الأوّل دون الثاني, وبالعدم جزم في كثير من المتداولات, ونصّ في الخلاصة أنه الأصحّ, فكان ترجيحاً للقول الثاني, ولذا عوّلنا عليه. ("الفتاوى الرضوية" المخرجة، ٢/٩٢). ١٢

[4]       قوله: [فلم يكن مطلقاً] أي: لا يطلق عليه اسم الماء بدون قيد. ط. ١٢




إنتقل إلى

عدد الصفحات

396