(للصلاة) فتصحّ (به أحد ثلاثة أشياء أما نيّة الطهارة) من الحدث القائم به ولا يشترط تعيين الجنابة من الحدث فتكفي نيّة الطهارة؛ لأنّها شُرِعَت للصلاة وشرطت لصحّتها وإباحتها فكانت نيّتها نيّة إباحة الصلاة فلذا قال (أو) نيّة (استباحة الصلاة) لأنّ إباحتها برفع الحدث فتصحّ بإطلاق النيّة وبنيّة رفع الحدث لأنّ التيمّم رافع له كالوضوء وأمّا إذا قيّد النيّة بشيء فلا بدّ أن يكون خَاصًّا بَيَّنَهُ في الشرط الثالث بقوله (أو نيّة عبادة مقصودة([1])) وهي التي لا تجب في ضمن شي آخر بطريق التبعية فتكون قد شرعت ابتداء تقرُّباً إلى الله تعالى وتكون أيضاً (لا تصحّ بدون طهارة) فيكون المنوي إمّا صلاة أو جزء للصلاة في حدّ ذاته كقوله نويت التيمّم للصلاة أو لصلاة الجنازة أو سجدة التلاوة أو لقراءة القرآن وهو جنب أو نوته لقراءة القرآن بعد انقطاع حيضها أو نفاسها؛ لأنّ كلاّ منها لا بُدَّ له من الطهارة وهو عبادة.
[1] قوله: [أو نيّة عبادة مقصودة] قال الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن: في هامش فتاواه: ملخّصه، اعلم أنّ العبادة قسمان (الف) مقصودة وهي أن تكون بنفسها قربة مستقلّة ولم تشرع وسيلة محضة إلى قربة أخرى، (ب) غير مقصودة وهي وسيلة فقط, والبعض من هذين القسمين مشروطة بالطهارة فلا تجوز بلا طهارة سواء شرطت الطهارة الصغرى أي الوضوء أو الكبرى فقط أي الغسل، والبعض غير مشروطة بالطهارة فتكون العبادات على أربعة أقسام: الأوّل: مقصودة مشروطة: كالصلاة، وصلاة الجنازة وسجدة التلاوة وسجدة الشكر لأنّ كلّها مقصودة بالذات ولكلّها شرطت الطهارة الكاملة يعني أن لا يكون بالحدث الأصغر ولا بالأكبر، وهكذا تلاوة القرآن عن ظهر القلب وهو مقصود بالذات وشرط له الطهارة من الحدث الأكبر فقط فيجوز بغير الوضوء. والثاني: مقصودة غير مشروطة: وهي أن تكون مقصودة بالذات ولكنّ الطهارة مطلقاً ليست بلازمة لها حتّى الطهارة الصغرى، كالإسلام والسلام وجواب السلام كلّها مقصودة بالذات ولم يشترط لها الطهارة أصلاً، وهكذا قراءة القرآن عن ظهر القلب حيث لا يجب لها الطهارة الصغرى أي الوضوء، فظهر من هاهنا أنّ التلاوة باعتبار الجنب من القسم الأوّل وباعتبار المحدث من القسم الثاني. والثالث: غير مقصودة مشروطة: وهي أن تكون وسيلة إلى عبادة أخرى ولكن لا تكون جائزة بلا طهارة سواء شرطت الطهارة الكبرى فقط أو الطهارة الكاملة، كمس المصحف الشريف فإنه حرام بغير الوضوء أيضا, وكدخول المسجد فإنه حرام في الحدث الأكبر فقط, وفي الأصغر جائز. والرابع: وهي أن تكون وسيلة: ولا يشترط فيها الطهارة كالأذان والإقامة لأنّهما من وسائل الصلاة ويصحّان من الجنب أيضاً وإن كانت إقامته أزيد كراهة، وكدخول المسجد فإنّه يجوز بغير الوضوء. فظهر من هاهنا أنّ دخول المسجد بالنظر إلى الجنب من القسم الثالث وبالنظر إلى المحدث من القسم الرابع، فيصحّ التيمّم للأقسام الأربعة كلّها عند عدم الماء، وإنّما تجوز الصلاة بالتيمّم الذي يكون بالنيّة العامّة أي التطهير ورفع الحدث أو بالتيمّم الذي يكون بنيّة القسم الأول خاصّاً. ("الفتاوى الرضوية" المخرجة، ٣/٥٥٦,٥٥٧، الهامش مترجماً وملخّصاً). ١٢