تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في في امرأتك قلت: يارسول الله! أخلف بعد أصحابي قال: إنك لن تخلف فتعمل عملاً صالحاً إلاّ ازددت به درجة ورفعة ثم لعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون اللهم أمض[1] لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن مات بمكة.
باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن
١٢٩٩ - حدثنا عبد الوهاب قال: سمعت يحيى قال: أخبرتني عمرة قالت: سمعت عائشة -رضي الله عنها- قالت: لما جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- قتل ابن حارثة وجعفر وابن رواحة جلس يعرف فيه الحزن وأنا أنظر من صائر الباب[2] شق الباب[3] فأتاه رجل فقال: إن نساء جعفر وذكر بكاءهن فأمره أن ينهاهن فذهب ثم أتاه الثانية لم يطعنه فقال: انههن فأتاه الثالثة قال: والله غلبننا يا رسول الله فزعمت أنه قال: فاحث في أفواههن التراب فقلت[4]: أرغم الله أنفك لم تفعل ما أمرك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم تترك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من العناء.
باب من لم يظهر حزنه عند المصيبة
وقال محمد بن كعب: الجزع القول السيئ والظن السيئ وقال يعقوب[5] النبي عليه السلام: ﴿ إِنَّمَآ أَشۡكُواْ بَثِّي وَحُزۡنِيٓ إِلَى ٱللَّهِ﴾ [يوسف: ٨٦].
[1] قوله: (اللهم أمض): وذاك أنّ المهاجرين كانوا يتحرّجون الموت بمكة بعد ما هاجروا منها وكانوا يظنونه مبطلاً للهجرة.
[2] قوله: (من صائر الباب): بهندي: درار.
[3] قوله: (شقّ الباب): يعني دروازه كي جهري.
[4] قوله: (فقلت): قالت عائشة رضي الله تعالى عنها.
[5] قوله: (وقال يعقوب): ليس من باب التعليقات والأعضالات في شيء كما لا يخفى.