١٦٨٢ - عن عبد الله -رضي الله عنه- قال: ما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى صلاة لغير ميقاتِها إلاّ صلاتين جمع بين المغرب والعشاء[1] وصلى الفجر قبل ميقاتِها[2].
١٦٨٣ - عن عبد الرحمن بن يزيد قال: خرجت مع عبد الله -رضي الله عنه- إلى مكة ثم قدمنا جمعاً فصلى الصلاتين كلّ صلاة وحدها بأذان وإقامة والعشاء بينهما ثم صلى الفجر حين طلع الفجر قائل يقول: طلع الفجر وقائل يقول: لم يطلع الفجر ثم قال: إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إنّ هاتين الصلاتين حولتا عن وقتهما في هذا المكان[3]
[1] قوله: (جمع بين المغرب والعشاء): أقول: كان عبد الله رضي الله تعالى عنه من ألزم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى أنّه كان يعدّ من أهل بيته صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ولم يكن يحتاج إلى الاستئذان في دخوله عليه صلى الله تعالى عليه وسلم فقوله: "ما رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم... إلخ" أدلّ دليل على أنّه صلى الله تعالى عليه وسلم لم يجمع بين الصلاتين إلاّ بالجمع، أعني: المزدلفة كما هو بيننا معشر الحنفية وفيه دليل أيضاً على الإسفار كما مرّ، لكن فيه تأمّل فافهم.
قال العبد الضعيف -غفر الله له-: ثُمّ رأيتُ بعد تحريري هذا الهامش في كتاب "إرشاد الساري" للعلامة القسطلاني آثراً عن الإمام النووي أنّه قال: احتج الحنفية بقول ابن مسعود هذا على منع الجمع في السفر، ثُمّ قال: وجوابه: أنّه مفهوم وهم لا يقولون به... إلخ.
أقول: ليس كما فهمتم إنّما المفهوم إثبات الجمع في هاتين، وأمّا أنّه لم يجمع في غيرهما فمنطوق كما قررت وحررت مع أنّ المحققين منّا كصاحب "الهداية" قالوا بمفهوم الاستثناء وهذا مشى مني على طريق المجيب وإلاّ فليس فيه كلام كما ألقينا عليك.
[2] قوله: (ميقاتِها): المستحبّ يعني: غلس.
[3] قوله: (في هذا المكان): يعني: المزدلفة.
أقول: وفيه إلزام على الشافعية القائلين بالمفهوم فإنّه يدلّ بمفهومه على عدم التحويل في غير هذا
المكان لكن لهم عنه جواب يظهر لك بتأمل، وله دفع يستبين بإمعان كامل.