بقيت حواشيه على هوامش الكتب إلى سنوات بعد وفاته ثُمّ تشاور أبناؤه وبعض تلاميذه فرأوا أن تنقل الحواشي منفصلة من الكتب في كراسات مختلفة وفوضوا النقل إلى رجال وأشخاص فنقلوا حواشي بعض الكتب وبقي أكثرها كما كان وما نقل له تقع مقابلته بالأصل واختل نظام دار الكتب بعد وفاة ابنه المفتي الأعظم الشيخ مصطفى رضا خان القادري قدّس سرّه فلم يدر أين ذهبت تلك الكتب والحواشي ونقولها وغير ذلك من الآثار.
وما وصل إلى أيدي أهل العلم من كتبه ورسائله لا يتجاوز عددها أربع مائة كتاب ورسالة، منها مجلدات فتواه التي تتضمن الكلام في فنون مختلفة وجهات كثيرة طبعت وانتشرت أوّلاً في اثنَي عشر مجلّداً على القطع الكبير ثُمّ نشرها مؤسسة رضا بالجامعة الرضوية -لاهور باكستان- في ثلاثين مجلداً على القطع الأوسط كلّ مجلد يقارب سبع مائة صفحة والمجموع يتجاوز عشرين ألف صفحة.
أمّا تعليقاته على "صحيح البخاري" التي كتبها أوان تعلّمه فما كانت في أيدينا ليست أصلها الذي رقمه على هوامش نسخته الخطية، وهذا النقل أيضاً ناقص لا يتجاوز كتاب الجهاد من "الصحيح". والناقل كتب كلمة أو كلمات من الصحيح ورسم عليه بالخط ثُمّ كتب ما علق عليه الإمام في نسخته بين السطور أو على الهامش وكتب في النقل رقم صفحة تلك النسخة وبِهذا القدر لا يعلم مبحث الكتاب ولا مغزي التعليق ولا يسهل لكلّ ناظر أن يصل إلى موضع التعليق من الصحيح فيفهم المبحث ثُمّ يدرك مغزي التعليق ومفاده.
ومع ذلك لم تكن للناقل معرفة أو معرفة جيّدة باللغة العربية وعلمي الحديث والفقه فأخطأ في النقل أخطاءً فاحشة يدركها الناظر العالم أوّل نظرة وأخطاءً يدركها بعد تأمّل وأخطاءً يدركها بعد خوض عميق وفكر دقيق، وهذه الحالة السيّئة للنقل إذا رآها الناظر فترت همّته عن الاستفادة منه ورآى تركه أهون وأروح من استكشافه، ولكن لله درّ العلماء والأساتيذ بالهند الذين بيّضوا هذه النسخة المخطوطة، وجعلوا لها أبواباً وعيّنوا فيها أمكنة تتعلقّ بها التعليقات الأنيقة، ووضعوها في آخِر "الصحيح" الذي طبع بالهند، فشكر الله تعالى سعيَهم، وتقبلّه منهم بقَبول حسن، ويجزيهم أحسن ما كانوا يعملون. ربّنا تقبّل منّا ومنهم إنّك أنت السميع العليم وتب علينا وعليهم إنّك أنت التوّاب الرحيم، آمين بجاه شفيع المذنبين الرؤوف الرحيم -صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم-.