عام بين الحج والعمرة فإنّ الله أنزله[1] في كتابه[2] وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- وأباحه للناس غير أهل[3] مكة قال الله تعالى: ﴿ذَٰلِكَ لِمَن لَّمۡ يَكُنۡ أَهۡلُهُۥ حَاضِرِي ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ﴾ [البقرة: ١٩٦] وأشهر الحجّ التي ذكر الله تعالى في كتابه شوال وذو القعدة وذو الحجة فمن تمتع في هذه الأشهر فعليه دم[4] أو صوم، والرفث الجماع والفسوق المعاصي والجدال المراء.
باب فضل مكة وبنيانها
١٥٨٢ - أخبرني عمرو بن دينار قال: سمعت جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: لما بنيت الكعبة ذهب النبي -صلى الله عليه وسلم-[5] وعباس ينقلان الحجارة فقال العباس للنبي -صلى الله عليه وسلم-: اجعل إزارك على رقبتك فخر إلى الأرض فطمحت عيناه إلى السماء فقال: أرني إزاري فشدّه عليه.
١٥٨٣ - عن عائشة -رضي الله عنهم- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ رسول
[1] قوله: (أنزله): أي: التمتع.
[2] قوله: (في كتابه): حيث قال: ﴿ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلۡعُمۡرَةِ إِلَى ٱلۡحَجِّ ﴾ ]البقرة: ١٩٦[.
[3] قوله: (غير أهل): "غير" بالنصب والجرّ، أي: غير أهل مكة فلا يجوز لهم التمتع ولا القران وعليه علماؤنا خلافاً للشافعية.
[4] قوله: (فعليه دم): هو الهدي أو صوم عشرة أيام إن لم يجد.
[5] قوله: (ذهب النبي صلى الله عليه وسلم): إنّي لأكشفنّ عليك معنى الحديث إنشاء القديم بما رواه البيهقي في "دلائل النبوة" من طريق سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس عن أبيه قال: لما بنت قريش الكعبة انفردت رجلين رجلين ينقلون الحجارة فكنت أنا وابن أخي صلى الله عليه وسلم فجعلنا نأخذ أزرنا فنضعها على مناكبنا ونجعل عليها الحجارة فإذا دنونا من الناس لبسنا أزرنا فبينما هو أمامي؛ إذ سرع فسعيت وهو شاخص ببصره إلى السماء قال: فقلت لابن أخي: ما شأنك؟ قال: نُهيت أن أمشي عرياناً، قال فكتمته حتى أظهر الله نبوته.